قال عـلي بن خالد : قال محمد- وكان زيدياً كنت بالعـسكر وهو مدينة سامراء فبلغـني أنَّ هناك رجـل محبوس أُتِيَ به من ناحية الشام مكبولاً وقالوا إنه تـنبَّأ.
قال عـلي بن خالد : فأتيت الباب وداريت البوَّابين والحَجَبَة حتى وصلت إليه فإذا رجـل له فهم، فـقـلت : يا هذا ما قـصَّتـُكَ وما أمرك؟
قال : إني كنت رجلاً بالشام أعـبد الله في الموضع الذي يقال له: موضع رأس الحسين ( ع ) فـبينا أنا في عـبادتي إذ أتاني شخصٌ فقال لي، قم بنا فقمت معه بـينا أنا معه إذ أنا في مسجد الكوفة.
فقال لي : تعـرف هذا المسجد؟
فـقلت : نعـم هذا مسجد الكوفة.
قال السجين : فـصلَّى وصلـَّيت معه، فـبينا أنا معه إذ أنا في مسجد رسول الله ( ص ) في المدينة، فسلم عـلى رسول الله ( ص ) وسلـَّمت وصلـَّى وصلـَّيت معه وصلَّى عـلى رسول الله
( ص )، فـبينا أنا معه إذ أنا بمكة، فـلم أزل معه حتى قضى مناسكه وقضيت مناسكي معه، فـبينا أنا معه، إذ أنا في الموضع الذي كنت أعـبد الله فـيه بالشام عـند مقام رأس الحسين ( ع ). فـلمَّا كان العام القابل إذ أنا به فعـل فعـلته الأولى فـلمَّا فـرغـنا من مناسكنا وردَّني إلى الشام وهمَّ بمفارقـتي قـلت: له سألتكّ بالحق الذي أقدرك عـلى ما رأيت- من طيِّ الأرض- إلاَّ أخبرتني من أنت ؟ فـقال : أنا محمد بن عـلي بن موسى.
قال : فـتراقى الخبر- واشتهـر حتى انتهى إلى محمد بن عـبد الملك الزيات- وزير الخليفة العـباسي المعـتصم- فبعـث إليَّ وأخذني وكبَّلني في الحديد وحملني إلى العـراق.
قال عـلي بن خالد : فـقلت له: فارفع القـصَّة إلى محمد بن عـبد الملك ففعل وذكر في قـصَّته ما كان فوقَّع في قـصَّته- واستهـزأ بالإمام أهانه:- قـل للذي أخرجك من الشام في ليلة إلى الكوفة ومن الكوفة إلى المدينة ومن المدينة إلى مكَّة وردَّكَ من مكَّة إلى الشام أن يخرجك من حبسك هذا.
قال عـلي بن خالد : فغـمَّني ذلك من أمره ورقـقت له وأمرته بالعـزاء والصبر.
قال: ثمَّ بكَّرت عـليه فإذا الجند وصاحب الحـرس وصاحب السجن وخلقُ الله، فقلت ما هذا؟
فقالوا : المحمول من الشام الذي تـنبَّأ أفـتـُقِد البارحة فلا يُدرَى أخُسِفَت به الأرض أو اختطفه الطير.
وهم لا يعـلمون أنَّ ذلك كان إعـجازاً من الإمام الجواد ( ع ) حيث نجَّاه من السجن.